المنازل الذكية - أحدث تقنيات الأتمتة والرفاهية في عقارات الخليج
26 مايو 2025

تشهد عقارات الخليج تطورًا متسارعًا مع دخول تقنيات المنازل الذكية إلى سوق الإمارات والسعودية، وتوفر هذه المنازل أنظمة أتمتة متقدمة تحقق أعلى مستويات الرفاهية والكفاءة للسكان، مما يجعلها عامل جذب جديد للمستثمرين في قطاع العقارات، فمن التحكم الآلي في الإضاءة والأجهزة، إلى أنظمة الأمان عالية التقنية، باتت حلول الأتمتة المنزلية جزءًا أساسيًا من المنازل الفاخرة الحديثة التي تعزز راحة السكان وترفع قيمة العقارات في آن واحد.
نمو سوق المنازل الذكية في الإمارات والسعودية
لم يعد انتشار المنازل الذكية مقتصرًا على الأسواق العالمية، بل حققت دول الخليج تقدمًا ملموسًا في هذا المجال، في الإمارات ينمو سوق المنازل الذكية بأكثر من 10% سنويًا، ومن المتوقع أن تصل نسبة انتشار الأجهزة المنزلية الذكية إلى 23% بحلول 2028 وفقًا لشركة سامسونج جلف للإلكترونيات، ويعزو الخبراء هذا النمو القوي إلى عوامل عدة أبرزها ارتفاع وعي المستهلك بأهمية التقنيات الذكية في المنزل ودعم الحكومة لمبادرات المدن الذكية والبنية التحتية المتطورة للاتصالات، فانتشار شبكات الجيل الخامس والألياف الضوئية في كل مكان عزّز قدرة ربط الأجهزة المتعددة ومعالجة البيانات الضخمة، مما مهد الطريق لتطبيقات إنترنت الأشياء المتقدمة في المنازل.
وفي السعودية، يشهد السوق قفزة نوعية مدفوعة برؤية 2030 والتحول الرقمي، وقد بلغت قيمة سوق المنازل الذكية حوالي 416 مليون دولار في 2023، ويتوقع أن تتجاوز 2.13 مليار دولار بحلول 2030، بمعدل نمو سنوي مركب يقارب 26% خلال هذه الفترة، هذا النمو المتسارع يجعل السعودية من أسرع الأسواق تبنيًا للتقنيات الذكية في المنطقة، ورغم أن حصة المملكة الحالية من السوق العالمي صغيرة نسبيًا (حوالي 0.4% عام 2023)، فإن الاستثمارات الكبيرة في مشاريع المدن الذكية والبنية التحتية التقنية تنبئ بحضور أقوى خلال السنوات القادمة، حيث تتعاون شركات محلية وعالمية لتقديم حلول إنترنت الأشياء المتقدمة للمنازل السعودية؛ على سبيل المثال، وقّعت شركة أكّارا (Aqara) مذكرة تفاهم أواخر 2023 مع شركة IoT squared (مشروع مشترك بين STC وصندوق الاستثمارات العامة) لتوفير حلول منزلية ذكية مخصصة للسوق السعودي دعمًا لرؤية 2030، هذه التطورات تشير إلى أن سوق المنازل الذكية الخليجي ماضٍ في توسع مستمر، مدعومًا بارتفاع دخل الفرد واهتمام السكان بالتقنيات الحديثة لتسهيل حياتهم.
أبرز تقنيات الأتمتة المنزلية في المنازل الذكية
ترتكز المنازل الذكية على مجموعة من التقنيات المتقدمة التي توفر الأتمتة المنزلية وتجربة معيشية أكثر راحة وأمانًا، من أبرز هذه التقنيات:
- الإضاءة الذكية: تعتبر أنظمة الإضاءة الذكية من أهم مكونات المنزل الذكي الحديث، حيث يمكن التحكم في شدة الإضاءة وألوانها وجدولة تشغيلها وإطفائها عبر تطبيقات الهواتف أو الأوامر الصوتية بكل سهولة، هذه الإضاءة ليست للرفاهية فقط، بل تساهم أيضًا في كفاءة استهلاك الطاقة من خلال مصابيح LED وأوضاع توفير الطاقة. وقد أصبحت الإضاءة الذكية قياسية في العديد من المنازل الحديثة في الإمارات، حيث يستطيع الساكن بضغطة زر أو أمر صوتي تعديل أجواء المنزل لتناسب نشاطه (استقبال الضيوف، مشاهدة فيلم، الاسترخاء…).
- أنظمة الأمن والمراقبة الذكية: توفر المنازل الذكية أحدث حلول الأمان لحماية السكان والممتلكات مثل الكاميرات الذكية وأجراس الباب المزودة بالفيديو وأقفال الأبواب الرقمية، هذه الأنظمة تسمح لصاحب المنزل بمراقبة مداخل البيت ومساحاته الخارجية عبر الهاتف في أي وقت، مع استقبال إشعارات فورية عند رصد أي حركة مريبة، على سبيل المثال، توفر بعض الأقفال الذكية خاصية الدخول بدون مفتاح عبر الهواتف الذكية أو البصمة، مما يرفع مستوى الأمان والراحة معًا، كذلك يمكن ربط أنظمة الإنذار بالحساسات الذكية لاستشعار الدخان أو تسرب المياه، مما يمنع الحوادث قبل تفاقمها، هذه التقنيات مجتمعةً تعطي مالكي المنازل راحة بال عبر المراقبة المستمرة والتحكم عن بُعد في أمن منازلهم.
- التحكم الذكي بالمناخ والتكييف: نظراً لأهمية التكييف في مناخ الخليج الحار، تحظى أنظمة التحكم الذكي بالحرارة والتكييف بأولوية خاصة، الثرموستات الذكي يتيح جدولة وضبط حرارة المكيف تلقائيًا وفق أوقات اليوم وتواجد الأشخاص في المنزل، ما يضمن أجواءً مريحة بأقل استهلاك للطاقة، ويمكن لهذه الأنظمة التعلم من سلوك المستخدم وتفضيلاته، فتضبط التبريد تلقائيًا قبل عودته للمنزل وتخفضه عند خروجه، مما يوفر في فاتورة الكهرباء بشكل ملحوظ، وتتوفر أيضا حلول أخرى مثل الستائر الذكية التي تُغلق تلقائيًا في أوقات ذروة الشمس للمساعدة في تبريد المنزل طبيعيًا. التحكم الذكي بالمناخ لا يعزز الرفاهية فحسب، بل يدعم أيضًا الاستدامة من خلال تقليل الهدر في الطاقة، وهو ما يتماشى مع توجه دول الخليج نحو خفض الانبعاثات وتحسين كفاءة استهلاك الطاقة.
الجدير بالذكر أن التكامل بين هذه التقنيات أصبح التوجه السائد الآن، لم يعد المستهلك يرضى بحل ذكي منفصل لكل غرض، بل يبحث عن منصة موحدة تمكنه من إدارة كل شيء في منزله عبر تطبيق واحد، ولهذا فقد ظهرت أنظمة تحكم مركزية تقوم بدور العقل المدبر للمنزل المتصل، حيث يمكنها التنسيق بين الإضاءة والتكييف والأمن والترفيه في آن واحد، هذه الحلول الشاملة تجعل تجربة المنزل الذكي أكثر سلاسة وملاءمة لاحتياجات الفرد، خاصة مع تزويدها بالذكاء الاصطناعي القادر على تعلم تفضيلات المستخدم والتكيف معها تلقائيًا.
كيف تؤثر المنازل الذكية على قيمة العقار وجاذبيته الاستثمارية؟
لا تقتصر فوائد المنازل الذكية على راحة السكان فحسب، بل تمتد لتشمل قيمة العقار وجاذبيته في نظر المشترين والمستأجرين، فالمميزات الذكية تُضفي طابعًا عصريًا وفاخرًا على المنزل، ما يزيد من جاذبيته التسويقية، وكثيرًا ما ينجذب المشترون من أصحاب الدخل المرتفع والتقنيين إلى العقارات المجهزة بمنظومات ذكية جاهزة، ويفضلونها على المنازل التقليدية، وتشير استطلاعات رأي في أسواق عالمية إلى أن الأغلبية ترى أن التقنيات الذكية ترفع قيمة إعادة بيع المنزل؛ بل إن بعض التقديرات تضع هذه الزيادة في السعر بنحو 3-5% عن المنازل المماثلة بدون تقنيات ذكية.
إضافة إلى رفع سعر البيع المحتمل، تساهم المنازل الذكية في تسريع عمليات البيع أو التأجير، فالعقار المزوّد بأنظمة ذكية قد يقضي فترة أقصر في السوق نظرًا لتميزه وتلبية الطلب المتزايد على المساكن الحديثة المجهزة تقنيًا، أما من جهة الاستثمار التأجيري، فإن المالك يستطيع تبرير إيجار أعلى للمستأجرين مقابل توفير تقنيات منزلية متطورة (مثل تحكم مناخي يوفر فاتورة الطاقة، أو أنظمة أمان متقدمة تمنح شعورًا إضافيًا بالطمأنينة).
ولا ننسى الجانب التشغيلي؛ فبالنسبة للمستثمر الذي يمتلك عقارات مؤجرة، يمكن أن تقلل التقنيات الذكية تكاليف الصيانة والتشغيل مع مرور الوقت، على سبيل المثال، حساسات تسرب المياه والدخان الذكية تنبه مبكرًا لأي مشكلة، مما يقلل تكاليف الأضرار والإصلاحات الكبيرة، كذلك تساهم أقفال الأبواب الذكية في تخفيض مصاريف تغيير الأقفال بين كل مستأجر وآخر، حيث يمكن إعادة برمجتها رقميًا بسهولة، حتى شركات التأمين بدأت في بعض الأسواق تقديم خصومات على المنازل المزوّدة بأنظمة أمان ومراقبة ذكية نظرًا لدورها في التقليل من المخاطر.
مجمل هذه العوامل يعني أن الاستثمار في تجهيز العقار بتقنيات المنزل الذكي قد يعود بعائد إيجابي ملموس على المستثمر العقاري عبر رفع قيمة الأصل وتقليل المصروفات وجذب شريحة مستأجرين مميزة، وبشكل عام، يُنظر إلى المنازل الذكية على أنها استثمار في مستقبل العقار وضمان لبقائه ملائمًا لتطورات السوق واحتياجات الأجيال القادمة.
اقرأ أيضًا: ثورة PropTech - الواقع الافتراضي والجولات التفاعلية في تسويق العقارات
أمثلة على مشاريع عقارية تعتمد المنازل الذكية في الإمارات والسعودية
أدرك المطورون العقاريون في الخليج أهمية دمج التقنيات الذكية في مشاريعهم لتعزيز القيمة المضافة وجذب العملاء. في الإمارات، برزت عدة مشروعات رائدة في هذا المجال، على سبيل المثال، مدينة مصدر في أبوظبي تُعد من أوائل المجمعات الحضرية المستدامة التي اعتمدت مفهوم المدينة الذكية، حيث صُممت المساكن فيها لتكون موفرة للطاقة ومجهزة بأنظمة تحكم ذكي في الإضاءة والتبريد وغيرها، كذلك كشفت شركة إعمار العقارية في دبي عام 2023 عن أول فيلا سكنية مشيَّدة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد ومزوّدة بتقنيات منزل ذكي متكاملة، هذه الفيلا النموذجية - التي تمتد على مساحة 202 متر مربع - تم تزويدها بمنظومة Xiaomi AIoT من شركة شاومي، بما في ذلك مكانس روبوتية ذكية وأجهزة تنقية الهواء وكاميرات مراقبة وغيرها من التقنيات الحديثة، ويجسد هذا المشروع دمج البناء المتقدم مع التقنيات الذكية، مما يفتح الباب أمام مستقبل المباني الذكية سريعة الإنشاء.
وإلى جانب المشاريع الفردية، تتجه العديد من المجمعات السكنية الجديدة في دبي وأبوظبي إلى تضمين باقات المنزل الذكي ضمن معايير البناء؛ فبعض الفلل والشقق الحديثة تأتي مجهزة مسبقًا بتقنيات التحكم عن بُعد في التكييف والإضاءة وأنظمة صوتية متعددة الغرف، سعيًا لجذب شريحة العملاء الباحثين عن أحدث وسائل الراحة والتكنولوجيا في منازلهم، وقد شهدنا منذ 2020 شراكات بين مطورين وشركات تقنية لتحقيق ذلك، مثل شراكة إعمار مع شركة شاومي لتزويد منازلها بمنظومة إعمار الذكية التي تمكن السكان من إدارة أجهزتهم المنزلية عبر تطبيق موحد بسهولة. هذا التوجه عزز مكانة الإمارات كبيئة جاذبة لتقنيات المنازل الذكية ومسرّع لتبنيها على نطاق واسع.
أما في السعودية، فتبرز مدينة نيوم (NEOM) كأضخم مشروع مستقبلي يعتمد بشكل شامل على التقنيات الذكية، تُقام نيوم في شمال غرب المملكة كمدينة ذكية بالكامل، وتهدف إلى أن تصبح نموذجًا عالميًا للمدن الإدراكية فائقة الترابط، سيكون المنزل الذكي هو المعيار الافتراضي في نيوم، حيث يتم تجهيز المنازل بحساسات وأنظمة إنترنت الأشياء IoT تتواصل مع بعضها البعض لتحقيق أقصى درجات الراحة والكفاءة للسكان، تخيّل منزلًا يتعرف على تفضيلاتك، يضبط الإضاءة والحرارة والترفيه تلقائيًا حال دخولك، هذا ما تعد به منازل نيوم المزودة بتقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء.
وإلى حين اكتمال مشروع نيوم الطموح، شهدت مدن سعودية أخرى خطوات في هذا الاتجاه، في الرياض على سبيل المثال، يبرز مجمع “داراق الهدا” السكني الذي يضم 75 فيلا فاخرة مجهزة بالكامل بأنظمة تقنية حديثة جعلت منه مجمعًا سكنيًا ذكيًا متكاملًا، هذا المشروع الذي اكتمل في 2023 يُعد مثالًا واقعيًا على تبني المطورين المحليين لمفهوم المنزل الذكي في المساكن الفاخرة الحالية. أيضًا تعمل شركات مثل ماهات للطاقة Mahat Energy السعودية على تقديم حلول متكاملة لتطوير المنازل القائمة إلى منازل ذكية عبر تركيب أنظمة الإضاءة الموفرة وأنظمة التحكم والتكامل بسهولة في المنازل التقليدية، مما يوسّع دائرة الاستفادة من التقنيات الذكية لتشمل المنازل الجديدة والقائمة على حد سواء.
في الختام، أصبح من الواضح أن المنازل الذكية ليست مجرد صيحة تقنية عابرة في عقارات الخليج، بل هي تحول جوهري يعيد تعريف مفاهيم الراحة والرفاهية والكفاءة في المسكن الحديث، ومع تزايد إقبال المستثمرين والمطورين على تبني أحدث تقنيات الأتمتة المنزلية في الإمارات والسعودية، سنشهد استمرار نمو هذا القطاع بوتيرة سريعة، فالاستثمار في عقار مزوّد بتقنيات ذكية اليوم هو رهان على مستقبل السكن غدًا، حيث سيصبح المنزل الذكي معيارًا جديدًا يميز العقارات الأكثر طلبًا وقيمة في سوق الخليج العقاري.
المصادر:
- تقرير Grand View Research - السوق السعودي للمنازل الذكية 2024
- تقرير Renub Research – سوق المنزل الذكي في الإمارات 2024
- ماهات للطاقة Mahat Energy - تقنيات المنازل الذكية في السعودية
اقرأ أيضًاً: لماذا سوق العقارات في الإمارات يشهد ارتفاعًا مستمرًا؟ تحليل فرص الاستثمار
الكلمات الرئيسية
ما هي ميزانيتك؟
مواضيع موصى بها

12 مايو 2025
لماذا سوق العقارات في الإمارات يشهد ارتفاعًا مستمرًا؟ تحليل فرص الاستثمار
تعرف على أسباب ارتفاع سوق العقارات في الإمارات لعام 2025، وأبرز فرص الاستثمار في دبي وأبوظبي والشارقة.

28 يناير 2025
دليل حي النعيم جدة
يُعتبر حي النعيم في جدة واحداً من أبرز الأحياء السكنية الحيوية في المدينة، حيث يجمع بين الراحة والسكن العصري والموقع الاستراتيجي

14 يناير 2025
منطقة الباحة
تعد منطقة الباحة من أقدم المناطق المأهولة في المملكة العربية السعودية، حيث تشتهر بتاريخها العريق الذي يعود إلى حضارات قديمة تركت بصمتها على الثقافة والآثار الموجودة في المنطقة